بموهبة قل نظيرها وتمريرات ضرب بها المثل في الدقة، حجز الكولومبي كارلوس فالديراما لنفسه موقعاً متميزاً تحت شمس كرة القدم العالمية. وكانت قدمه اليمنى صاحبة الفضل في وصول كولومبيا إلى كأس العالم FIFA في آخر ثلاث مشاركات لها، والتي كانت كلها في عقد التسعينات، ومعه تعلم منتخب بلاده كيف يقف إلى جوار عمالقة العالم كتفاً بكتف.
إنه أفضل لاعب كولومبي في التاريخ بإجماع الآراء، وسيبقى في ذاكرة المشجعين دائماً بشعره الأشقر الكثيف ورقم 10 الذي كان يتلألأ على قميصه وشارة الكابتن حول ذراعه ومشيته المميزة.
وبخبرة أكثر من 110 مباريات دولية، راح يحلل لموقع FIFA.com مختلف جوانب اللعب الحديث، فتحدث عن صانعي الألعاب المفضلين لديه، والوضع الحالي لمنتخب بلاده، والمرشحين الرئيسيين للفوز بكوبا أمريكا التي ستحتضنها الأرجنتين.
FIFA.com: سيد فالديراما، يقول البعض أنك حزين لعدم وجود لاعب يقوم بدور حلقة الوصل في المنتخب الكولومبي الذي يستعد لخوض كوبا أمريكا، هل هذا صحيح؟
كارلوس فالديراما: أجل، إن الفريق يفتقر لمن يقوم بصناعة الألعاب. لكي تسجل الأهداف يجب أن تصنع الفرص للتهديف، ونحن ليس لدينا لاعبون بالخصائص المناسبة لذلك. هناك لاعبون جيدون وأقوياء، يستردون الكرة من المنافس ويسددون نحو المرمى من مسافات متوسطة. إنهم يقاتلون طوال زمن المباراة، لكن إبداعهم قليل. وهنا تكمن المشكلة. لحسن الحظ لدينا مهاجمون ممتازون.
هل أصبحت كرة القدم الحديثة لا تعرف صناع اللعب؟
أعتقد أنهم موجودون، لكن أحداً لا يعطيهم الفرصة. لقد تغير التكتيك إلى 4-4-2، فصار على اللاعب أن يجري ويجري ويتفانى في اللعب. وإذا كان هناك من يؤدي بشكل جميل ويلعب بترو وأناة ويسجل أهدافاً فإنه يصنع الفارق، ولكنك لا تجده يستميت في اللعب أو يقاتل، ولذلك يخرجونه من الملعب. ذلك هو الفرق. دائماً هناك صانعو ألعاب، ولكن قلة فقط من المدربين يغامرون بإشراكهم.
هل يوجد صانع ألعاب كولومبي يلفت انتابهك على وجه الخصوص؟
يعجبني ماكنيلي توريس، الذي لم يحصل على فرصته في هذا المجال. ويمكن أن ينفعنا أيضاً جيوفاني مورينو في هذا المركز خلال التصفيات، عندما يعود من الإصابة. يروقني هذان اللاعبان لأنهما يتميزان بوضوح الرؤية ويفكران قبل اللعب، إنهما لا يندفعان كما يريد المدربون، ولكنهما يصنعان فارقاً.
وعلى مستوى العالم؟
لطالما كنت مفتونا بلعب (خوان) ريكيلمي. لا جدال في ذلك عندي. كما أن (خوان) فيرون يشغل مركزاً آخر، لكنه واضح جداً أيضاً في أدائه. إنني أعطي العلامة الكاملة دائما للاعبين من هذا المستوى حتى وإن كانوا لا يندفعون ولا يتفانون في اللعب. إنهم يتميزون بالجودة، وأنا أنسجم معهم.
فلتحدثنا عن المهاجمين، هل يمكن أن تضع لنا تصنيفاً للمهاجمين الكولومبيين حسب تفضيلك؟
هذا صعب! ماذا نقول عن فالكاو جارسيا، الذي سجل 60 هدفاً في عام واحد لدى وصوله إلى أوروبا؟ إن الأمر معقد. لا أستطيع أن أضع تصنيفاً. تيوفيلو جوتييريز في الأرجنتين، وهوجو روداليجا في إنجلترا ... إنهم يلعبون في فرق مختلفة وفي دوريات مختلفة، وكلهم يسيرون بشكل رائع. ما يهم هو أن يحافظوا على ذلك المستوى في المنتخب.
عندما يعتزل المرء كرة القدم ترتفع قيمة الأشياء في نظره. عندما كنت أنزل أرض الميدان، كنت ألعب ويمر كل شيء بسرعة. لكن الآن، أشاهد التلفاز وأستمتع إلى أقصى درجة ممكنة.
كارلوس فالديراما
لقد ذكرت جوتييريز، هل فاجأك بالمستوى الذي ظهر به في أول موسم له في الأرجنتين؟
لا، مطلقاً. نحن نعرف تيو جيداً، ونعرف أنه لاعب بارع، ومهاجم متميز: يعرف كيف يتعامل مع الكرة ويصنع الألعاب ... كما أنه يسجل أهدافاً أيضاً. لقد سجل ثلاثة أهداف من ثلاث فرصة سنحت له في مواجهات مباشرة مع حارس المرمى. إنه فعال ويعمل بشكل ممتاز بفضل لله.
فلنعد إلى كوبا أمريكا، من هو المرشح لنيل اللقب؟
الأرجنتين! إنهم أصحاب الأرض، ومنتخبهم يلعب جيداً ويضم لاعبين ممتازين. أعتقد أنهم سيستطيعون الاستفادة من اللعب على أرضهم وبين جماهيرهم الذين يلعبون دائماً دوراً بارزاً.
لقد شاركت في كوبا أمريكا 5 مرات، وكانت أولاها، للمصادفة، في الأرجنتين. هل تركت إحداها في ذاكرتك أثراً أكبر من غيرها؟
لا، لا...أنا أتذكرها كلها على حد سواء. عندما يعتزل المرء كرة القدم ترتفع قيمة الأشياء في نظره. عندما كنت أنزل أرض الميدان، كنت ألعب ويمر كل شيء بسرعة. لكن الآن، أشاهد التلفاز وأستمتع إلى أقصى درجة ممكنة. دائماً أذكر تلك اللحظات العظيمة التي عشناها مع المنتخب.
هل تنتابك الرغبة في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ونزول الملعب مجدداً؟
لا، إنني واقعي؛ لقد عشت وقتي واستمتعت به وأواصل الإستمتاع. لكني أقدر دائما ما فعلته كلاعب. أما الباقي فهو مجرد ماض.
بما أننا نتحدث عن أجمل اللحظات التي قضيتها مع المنتخب، يرى البعض أن النصر الساحق على الأرجنتين (5-0) في تصفيات 1993 هو أكثر شيء ألحق الضرر بكرة القدم الكولومبية، هل تتفق معهم؟
مطلقا! (يضحك) لقد كانت أفضل نتيجة في تاريخ كرة القدم الكولومبية، وليكن هذا واضحاً. إن الأرجنتين لم تخسر أبداً على أرضها 5-0، وقد أتاح لنا ذلك أيضاً إنهاء المجموعة في المركز الأول.
ولماذا تعتقد أنهم يعتبرونه كذلك؟
إنهم أناس لا يعرفون شيئا عن كرة القدم، يريدون البحث عن أعذار عندما تسوء الأمور! لقد فزنا على الأرجنتين 5-0 في المونيومنتال! إنه حدث لن ينسى. ومن لهم دراية بكرة القدم، أولئك الذين يقدرون الأشياء الحسنة، يقولون إننا فزنا ولعبنا جيداً. لم يتحقق ذلك بضربة حظ ولا بشيء يتعلق بالأسلوب.
تمثل تلك واحدة من الذكريات الجميلة الكثيرة التي جمعتها في مسيرتك. لكن للأسف، بعد سنة واحدة، لقي زميلك أندريس إسكوبار مصرعه لدى العودة من كأس العالم FIFA. ما الذي تذكره عن ذلك الحادث؟
إنها ذكرى حزينة آلمت الجميع: الأصدقاء والزملاء والأقارب. إنها أسوأ ما مررت به في رحلتي مع كرة القدم. كان موت أندريس حادثاً مأساوياً لا يمكن الرجوع فيه. المرء في كرة القدم يمكن أن يفوز أو يتعادل أو يخسر...لكن ذلك لا تفسير له. لقد فارقنا أندريس، وذلك شيء لا يمكن تعويضه.
في الختام، ألن نراك أبداً مدرباً لأحد الفرق؟
لا، لا ... لقد اتخذت طريقاً آخر بالفعل. لا تعجبني كثيراً حياة المدير الفني: المعسكرات وأخطاء الآخرين التي يمكن أن تؤثر على عمل المدرب نفسه. أضف إلى ذلك أني سأكون في المواجهة، أتحدث دائماً...أعتقد أني فعلت ما يعجبني حقا في مسيرتي الكروية: لعب كرة القدم.
FIFA